تقارير وتحليلات

نشر في : 10-07-2024

حدثت في : 2024-07-12 23:02:12

بتوقيت ابوظبي

مصطفى شعبان

يقع العالم العربي تحت تهديد فقدان أكثر من مليار من الطيور المهاجرة، نصفها يمر فوق الأراضي المصرية المُطلة على البحر الأحمر، الأمر الذي دفع 14 دولة في المنطقة إلى تكثيف جهود حفظ التنوع البيولوجي، وفقاً لتقرير أصدره مشروع الطيور المهاجرة الحوامة بوزارة البيئة المصرية.

نتائج أخرى بالغة الخطورة توصل إليها التقرير، أبرزها أن التغيرات المناخية تهدد حركة الطيور المهاجرة بمعدلات مرتفعة؛ ما أدى إلى فقد الطيور المهاجرة أكثر من 40% من أعدادها خلال العقدين الأخيرين فقط، وهو ما يهدد حركة تشتت البذور ويحدث خللا في الغطاء النباتي العالمي.

التقرير طالب بأهمية أن يكون هناك تحالف عربي، لتبني استراتيجية منهجية تحمي أكثر من مليار من الطيور المهاجرة التي تمر فوق العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وذلك خلال فصلي الخريف والربيع، إذ تضم المنطقة ثاني أكبر مسار لهجرات الطيور على سطح الكرة الأرضية، كما يهاجر إليها ما يقرب من 1800 نوع من بين أكثر من 4 آلاف نوع من الطيور المهاجرة سنويا.

وأوضح التقرير أن التحالف سيضم 14 دولة عربية تستقبل أراضيها نحو 90% من الطيور المهاجرة في ثلاثة محاور رئيسية؛ أهمها: محور البحر الأحمر عبر السواحل المصرية، ومحور المغرب العربي عبر سواحل المحيط الأطلنطي، ومحور الخليج العربي.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه تقرير لقطاع الحياة والبيئة البرية بالأمم المتحدة، وجود أدلة قوية على أن الاحترار العالمي وارتفاع معدلات الزيادة في درجات الحرارة أثرا بشكل كبير في معظم أنواع الطيور المهاجرة؛ ما أدى إلى تعرض أكثر من 49% منها إلى خطر الانقراض، وأظهرت أنه على الرغم من التوصل إلى "اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة"، التي تُعرف أحيانًا بـ"اتفاقية بون"، وتأتي تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بدأت إلقاء الضوء على التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الطيور المهاجرة، خاصة بعد أن أظهرت النتائج أن هناك نحو 44% من الأنواع المدرجة بموجب اتفاقية الأنواع المهاجرة آخذة في الانخفاض بالفعل خلال العقدين الأخيرين، وأن 22% من الأنواع المدرجة في الاتفاقية أصبحت مهددة بالانقراض.

 جدير بالذكر أن الدول العربية الأربعة عشرة قد وقّعت على "اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة"، التي تُعرف أحيانًا بـ"اتفاقية بون"، وعلى رأسها الإمارات، ومصر، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، والصومال، ولبنان، وسوريا، والعراق، والأردن، والسعودية، واليمن، خاصة أن الطيور المهاجرة تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي العربي والعالمي، كما أنها تسهّل بهجراتها عملية نثر البذور والمغذيات، وتُسهم في تشكل المجتمعات النباتية عبر الموائل المختلفة، وهو ما يؤثر في تكوين الأنواع الحيوانية التي تعتمد على هذه النباتات، بالإضافة إلى أنها تعمل بوصفها مؤشرات مهمة لصحة النظام البيئي.

أما عن أهم الطيور المهاجرة، التي تأثرت سلبيا بسبب التغيرات المناخية وزيادة درجات الحرارة المتصاعدة، فيأتي البط والإوز البري، والطيور الرملية، والطيور المغردة بجميع أنواعها، بالإضافة إلى الطيور البحرية، والطيور المهاجرة لمسافات طويلة، مثل طائر الغابة المغرد، والعصفور الآسيوي ذي الذيل المقصوص، والزقزاق الشرقي، والحبارى الكبرى، وطائر فرقاط جزيرة الميلاد، والنسور الأفريقية الأوراسية، التي تبدأ هجراتها وتنتهي في فصل الشتاء والصيف بحثًا عن الكلأ، ولكن في أثناء الهجرة قد تحلّق فوق مناطق ذات تأثير حاد في التغيرات المناخية، ومناطق تتأثر بظاهرة الاحتباس الحراري.

أسراب الطيور المهاجرة

من جانبه، أكد الدكتور أسامة الجبالي مدير مشروع الطيور المهاجرة الحوامة بوزارة البيئة المصرية، أن هجرة الطيور تأثرت بشكل كبير بتغير المناخ وحالة الاحترار العالمي، خاصة أن الطيور المهاجرة كانت تأتي من أوروبا حيث الطقس البارد، وتبدأ رحلتها مع بدايات الخريف لتستقر في مناطق دافئة حتى بداية فصل الربيع، ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض أصبحت بعض الطيور تبدأ رحلتها بشكل متأخر عن الوقت المتوقع، وفي أحيان أخرى تصل في موعدها وتفشل عمليه التزاوج بفعل ارتفاع درجات الحرارة، إما بموت الطيور المهاجرة وإما بموت البيض نفسه، مبينا في الوقت نفسه أن العالم العربي يقود جهودًا كبيرة في مجال حماية الطيور المهاجرة التي تمر عبر أراضيها خلال فصلي الربيع والخريف، وذلك حفاظًا على التنوع البيئي الذي يسببه توافد مئات الملايين من أسراب الطيور المهاجرة.

الطيور المهاجرة في خطر

أما عن مشروع الطيور الحوامة المهاجرة بوزارة البيئة، والهدف من إنشائه، فأكد الدكتور أسامة الجبالي أن المشروع يهدف إلى حماية أسراب الطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا التي تمر فوق مصر خلال رحلات الهجرة الموسمية، بالإضافة إلى توفير مسار آمن للطيور خاصة في السواحل المصرية المطلة على البحر الأحمر، الذي يُعد أهم ثاني مسار للطيور المهاجرة على مستوى العالم، مبينًا أن المشروع يركز بشكل خاص على التصدي للمخاطر التي يتسبب فيها البشر وتهدد الطيور المهاجرة، على رأسها مصادر الطاقة والكهرباء وطواحين طاقة الرياح، وغيرها من المشكلات التي تواجه الطيور المهاجرة كمحطات الصرف التي تجذب الطيور وتقتلها، وحالات التسمم التي تتعرض لها من جراء التعرض للمبيدات الحشرية والزراعية، وأخيرا عمليات الصيد غير القانونية.

 

العالم يفقد الطيور النادرة

وقال مدير مشروع الطيور المهاجرة الحوامة بوزارة البيئة المصرية، إن التحالف العربي الموقع على اتفاقية "حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة"، التي تُعرف أحيانًا بـ"اتفاقية بون"، سيعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل أي أثر للتغيرات المناخية على الطيور المهاجرة، وذلك من خلال رصدها ومراقبة توقيتات قدومها والعمل على الحد من أي أخطار قد تتعرّض لها، مشيرًا إلى أن مصر لها العديد من التجارب والخبرات في هذا الشأن، التي يمكن أن تعمل على نقلها إلى الكثير من الدول العربية، وفي الوقت نفسه الاستفادة من خبرات الدول العربية التي لها خبرات في هذا المجال، كمحاولة لتقليص الأضرار البيئية الواقعة عليها إلى أقصى درجة.